أحلام صبي
أحس فارس بالضجر من القراءة، ومن حلّ المسائل الحسابية.
فتح التلفاز، وراح يشاهد بعض أفلام الكرتون التي أدخلت الدهشة إلى قلبه، والخيال إلى عقله
فاندمج مع بطل الفيلم الذي كان فارساً من فرسان أيام زمان، يرتدي الدرع ويضع الخوذة
على رأسه والقناع على وجهه ويحمل بيده سيفاً طويلاً.
تخيل فارس أنه بطل يدافع عن أخوته وأصدقائه في فلسطين المحتلة.
نادى أمه، وقال: أنا فارس من الفرسان، أريد أن أذهب وأنقذ المظلومين.
قالتلـه أمه: لا تزال صغيراً يا فارس، افعل هذا عندما تكبر.
أنا ضجر جداً وأريد أن أفعل هذا الآن.
ضحكت أمه، وقالت: إنك لست فارساً، بل صبي صغير
ولكني ضجر ومتضايق، وسأذهب الآن بعيداً
مسحت أمه على رأسه بحنان، وقالت: إذا ذهبت يا صغيري
فسألحق بك إلى أي مكان تذهب إليه
إذا لحقتِ بي، فسأصبح سمكة في جدول غزير المياه، وأسبح بعيداً
إذا أصبحتَ سمكة في جدول عزير المياه، فسأصير صياداً، وأصطادك
إذا صرتِ صياد سمك، فسأصبح أنا صخرة على جبل عال، ولن تتمكني من الوصول إلي
إذا أصبحتَ صخرة على جبل عالٍ، فسأتعلم كيف أتسلق الجبل، وأتبعك أينما كنت
إذا تسلقتِ الجبل، فسأختبئ في حديقة بعيدة عن الأنظار
إذا اختبأتَ في حديقة بعيدة عن الأنظار، فسأصبح بستانياً وأجدك
لن تستطيعي، لأني سأتحول إلى طائر وأحلق بعيداً في السماء
إذا تحولتَ إلى طائر، فسأصبح شجرة تأتي إليها، وترتاح على أغصانها
إذا أصبحتِ شجرة، فسأصير قارباً صغيراً وأبحر بعيداً
إذا صرتَ قارباً صغيراً، فسأصير ريحاً وأحرك قاربك إلى حيثما أشاء
عندها سألتحق بسيرك، ألعب على الأرجوحة وأطير من طرف إلى طرف
إذا التحقتَ بسيرك، فسأصير لاعبة سيرك، أمشي في الهواء على حبل مشدود، وأصل إليك
إذاً سأصبح أرنباً، وأقفز في الغابة من مكان إلى مكان آخر
إذا أصبحتَ أرنباً، فسأصير حقلاً من الجزر لتأكل منه ما تشاء
سكت الصبي برهة، ثم قال: في هذه الأحوال من الأفضل لي، أن أبقى في البيت كما أنا
ردت عليه أمه: وستجدني دائماً بقربك يا صغيري، أرعى شؤونك
وأسهر على راحتك، وأبعد عن نفسك الضجر
قبَّل الصبي أمه، فقبلته وضمته إلى صدرها في عناق حنون